كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَى أَمَّا مَا هُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ)، وَلَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْفَصْلِ فَيَجْرِي فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ ع ش.
(قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِ الْمَتْنِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَهُ الْفَصْلُ قَهْرًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ) أَيْ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ يَزُولُ بِفَصْلِهِ أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ وَاسْتَقَلَّ بِهِ الْغَاصِبُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ هَذَا الْقَيْدُ. اهـ. سم أَقُولُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي رَدِّ التُّرَابِ وَرَدِّ اللَّبِنِ طِينًا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَقِلُّ الْغَاصِبُ إلَخْ) يَقْتَضِي إمْكَانَ فَصْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تَمْوِيهٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا لَا يُنَافِي إمْكَانَ الْفَصْلِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ.
(قَوْلُهُ وَصَبْغُ مَغْصُوبٍ) عَطْفٌ عَلَى صَبْغِ الْمَالِكِ.
(قَوْلُهُ تَكْلِيفُهُ فَصْلًا إلَخْ) هَلْ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ مَعَ رِضَاهُمَا بِبَقَائِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ أَوْ مَعَ رِضَاهُ بِبَقَائِهِ مَعَ سُكُوتِ مَالِكِ الثَّوْبِ وَيَنْبَغِي لَا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَتُصُوِّرَ زَوَالُهُ بِالْفَصْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ حَفْرِ تُرَابِ الْأَرْضِ السَّابِقَةِ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ فَصْلُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ خَلَطَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ لَا لِانْخِفَاضِ سُوقٍ إلَخْ) بَلْ لِأَجْلِ الصَّبْغِ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ بَلْ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ الصَّبْغِ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ بِالصَّبْغِ أَوْ الصَّنْعَةِ لَا بِانْخِفَاضِ سِعْرِ الثَّوْبِ.
(قَوْلُهُ بِسَبَبِ الصَّبْغِ أَوْ الصَّنْعَةِ) اقْتَصَرَ الْمُغْنِي عَلَى الصَّبْغِ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ أَوْ الصَّنْعَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا دَخْلَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ.
أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ السِّمَنَ لَا يُجْبَرُ إلَخْ أَنَّ مَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِ الْغَاصِبِ لَا قِيمَةَ لَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (اشْتَرَكَا فِيهِ)، وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصَّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ أَمْكَنَ فَصْلَهُ أَمْ لَا وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَيْعُ صَبْغِهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صَبْغِهِ لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُهُ مَعَهُ، وَلَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ آخَرَ فَانْصَبَغَ فِيهَا اشْتَرَكَا فِي الْمَصْبُوغِ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ، وَلَا الْفَصْلَ وَلَا الْأَرْشَ، وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَفِي سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْ مَالِكَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ مُوَافَقَةُ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ. اهـ.
وَقَالَ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا لِيَصْبُغَ لَهُ قَمِيصًا بِخَمْسَةٍ فَوَقَعَ بِنَفْسِهِ فِي دَنٍّ قِيمَةُ صَبْغِهِ عَشْرَةٌ هَلْ يَضِيعُ ذَلِكَ أَيْ الزِّيَادَةُ عَلَى الصَّبَّاغِ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِعُذْرِهِ، فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَأَمَّا لَوْ غَلِطَ الصَّبَّاغُ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّبْغِ تَمْوِيهًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بِهِ عَيْنٌ وَزَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ فَهُوَ شَرِيكٌ بِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ أَثْلَاثًا) ثُلُثَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَثُلُثُهُ لِلْغَاصِبِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ إلَخْ) غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الصَّبْغُ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبِ ارْتِفَاعِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ قِيمَتُهُمَا) فَاعِلُ نَقَصَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ إلَخْ) جَوَابُ، وَلَوْ نَقَصَ إلَخْ وَمُشْتَمِلٌ عَلَى قَسِيمِ قَوْلِهِ لَا لِانْخِفَاضِ سُوقٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ فِي الصَّنْعَةِ بَيْنَ الزِّيَادَةِ حَيْثُ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّقْصِ بِسَبَبِهَا حَيْثُ جُعِلَ عَلَى الْغَاصِبِ وَحْدَهُ أَنَّ لِلثَّوْبِ دَخْلًا فِي الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهَا بِخِلَافِ النَّقْصِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
حَلَبِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ أَيْ النَّقْصُ أَوْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَمِلَ وَالزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَنَدَتْ إلَى الْأَثَرِ الْمَحْضِ تُحْسَبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَيْضًا الزِّيَادَةُ قَامَتْ بِالثَّوْبِ وَالصَّبْغِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا. اهـ.
(وَلَوْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ) أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ (بِغَيْرِهِ) كَبُرٍّ أَبْيَضَ بِأَسْمَرَ أَوْ بِشَعِيرٍ وَكَغَزْلٍ سُدًى نَسَجَهُ بِلُحْمَتِهِ لِنَفْسِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ خَلْطَهُ أَوْ اخْتِلَاطَهُ بِاخْتِصَاصٍ كَتُرَابٍ بِزِبْلٍ (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لِلْكُلِّ أَوْ لِلْبَعْضِ (لَزِمَهُ وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) التَّمْيِيزُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَيْرَجٍ وَبُرٍّ أَبْيَضَ بِمِثْلِهِ وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) عَلَى إشْكَالَاتٍ فِيهِ يُعْلَمُ رَدُّهَا مِمَّا يَأْتِي (فَلَهُ تَغْرِيمُهُ) بَدَلَهُ، خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَجْوَدَ أَوْ بِأَرْدَأَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَبَدًا أَشْبَهَ التَّالِفَ فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إنْ قَبِلَ التَّمَلُّكَ، وَإِلَّا كَتُرَابِ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ خَلَطَهُ بِزِبْلٍ وَجَعَلَهُ آجُرًّا غَرِمَ مِثْلَهُ وَرَدَّ الْآجُرَّ لِلنَّاظِرِ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّبْلِ؛ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ بِالنَّارِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَمَعَ مِلْكِهِ الْمَذْكُورِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَرُدَّ مِثْلَهُ لِمَالِكِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيَكْفِي كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَيْ بِغَيْرِ الْأَرْدَأِ قَدْرَ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي كَمَا يَأْتِي.
وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا مَا أَطَالَ بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ الرَّدِّ وَالتَّشْنِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُفْلِسِ لِئَلَّا يَحْتَاجَ لِلْمُضَارَبَةِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ إضْرَارٌ بِهِ وَهُنَا الْوَاجِبُ الْمِثْلُ فَلَا إضْرَارَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فُرِضَ فَلْسُ الْغَاصِبِ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَعَلَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَحَقَّ بِالْمُخْتَلِطِ مِنْ غَيْرِهِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ خَلْطَهُ بِمَالٍ آخَرَ مَغْصُوبٍ أَيْضًا فَكَذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ أَيْضًا وَغَيْرِهِمَا.
لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ فِي الْخَلْطِ بِمَالِهِ تَبَعًا لِمَالِهِ وَهُنَا لَا تَبَعِيَّةَ وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ غَصَبَ مِنْ جَمْعِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَخَلَطَهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ، ثُمَّ فَرَّقَ عَلَيْهِمْ الْمَخْلُوطَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ حَلَّ لِكُلٍّ أَخْذُ قَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ خُصَّ أَحَدُهُمْ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَقْسِمَ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ هَذَا كُلُّهُ إذَا عُرِفَ الْمَالِكُ أَوْ الْمُلَّاكُ كَمَا تَقَرَّرَ أَمَّا لَوْ جُهِلُوا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ وَجَبَ إعْطَاؤُهَا لِلْإِمَامِ لِيُمْسِكَهَا أَوْ ثَمَنَهَا لِوُجُودِ مُلَّاكِهَا وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا أَيْ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَارَتْ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَلِمُتَوَلِّيهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَإِعْطَائِهَا لِمُسْتَحِقِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا ظَفْرًا وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا لِيُعْطِيَهَا لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ جَمَاعَةَ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ قُطْرًا بِحَيْثُ نَدَرَ وُجُودُ الْحَلَالِ فِيهِ جَازَ أَخْذُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ وَلَا يَتَبَسَّطُ. اهـ. هَذَا إنْ تَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا تَقَرَّرَ فَيُصْرَفُ لِلْمَصَالِحِ وَخَرَجَ بِخَلَطَ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَاطُ حَيْثُ لَا تَعَدِّيَ كَأَنْ انْثَالَ بُرٌّ عَلَى مِثْلِهِ فَيَشْتَرِكُ مَالِكَاهُمَا بِحَسَبِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا قِيمَةً فَبِقَدْرِ كَيْلِهِمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا قِيمَةً بِيعَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْحَبِّ عَلَى قَدْرِ قِيمَتَيْهِمَا لِلرِّبَا سَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ قُبَيْلَ الْأُضْحِيَّةِ (وَلِلْغَاصِبِ أَنْ) يُفْرِزَ قَدْرَ الْمَغْصُوبِ، وَيَحِلُّ لَهُ الْبَاقِي كَمَا مَرَّ وَأَنْ (يُعْطِيَهُ) أَيْ الْمَالِكَ، وَإِنْ أَبَى (مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ انْتَقَلَ إلَى ذِمَّتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَلِطَ صَارَ كَالْهَالِكِ وَمِنْ الْمَخْلُوطِ إنْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا أَوْ بِأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ.
تَنْبِيهٌ:
قِيلَ لَيْسَ الْغَاصِبُ بِأَوْلَى مِنْ الْمَالِكِ بِمِلْكِ الْكُلِّ بَلْ الْمَالِكُ أَوْلَى بِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَجَوَابُهُ مَنْعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ لِمَالِكِهِ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ بِهِ لِتَعَدِّيهِ مَعَ تَمْكِينِ الْمَالِكِ مِنْ أَخْذِ بَدَلِهِ حَالًا جُعِلَ كَالتَّالِفِ لِلضَّرُورَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَالِكِ إذْ لَا تَعَدِّيَ يَقْتَضِي ضَمَانَ مَا لِلْغَاصِبِ فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ فَفِيهِ حَيْفٌ أَيُّ حَيْفٍ وَقَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ بِدُونِ الرِّضَا لِلضَّرُورَةِ كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ طَعَامَ غَيْرِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَهِيمَتِهِ وَلَيْسَ إبَاقُ الْقِنِّ كَالْخَلْطِ حَتَّى يَمْلِكَهُ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ مَرْجُوُّ الْعَوْدِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ الْمُقْتَضِيَةِ كَوْنَهَا لِلْفَيْصُولَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجِّحُوا قَوْلَ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُشَاعًا فَفِيهِ تَمَلَّكَ كُلٌّ حَقَّ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْضًا، وَمَنْعُ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَةِ هُنَا أَيْضًا بِسَبَبِ التَّعَدِّي بَلْ فَوَاتُ حَقِّهِ إذْ قَدْ يَتَأَخَّرُ ذَلِكَ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقْنَا حَقَّهُ بِالذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ حَالًا بِحَوَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَمِنْ ثَمَّ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْهَلَاكِ قَالَ وَيَنْدَفِعُ الْمَحْذُورُ بِمَنْعِ الْغَاصِبِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَعَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْهُ حَتَّى يُعْطِيَ الْبَدَلَ كَمَا مَرَّ وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ لَوْ مَلَّكَهُ لَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ حَتَّى يَرْضَى بِذِمَّتِهِ فَكَيْفَ بِغَيْرِ رِضَاهُ قِيلَ كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ اتَّسَعَتْ دَائِرَتُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ هَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا فِي كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ بَيْنَ خَلْطِهِ وَاخْتِلَاطِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ شَرْطُهُ الْخَلْطُ فَإِنْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ كَانَ شَرِيكًا كَمَا أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ إذَا حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ أَنْ يَكُونَ بِفِعْلِهِ كَجَعْلِهِ الْمَغْصُوبَ هَرِيسَةً فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَأَنْ صَارَ بِنَفْسِهِ هَرِيسَةً رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّبْلِ؛ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ بِالنَّارِ) بَقِيَ لَوْ كَانَ لَبِنًا.
(قَوْلُهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي قَدْرِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي حَكَمْنَا بِمِلْكِهِ إيَّاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَيُؤَيِّدُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ مَا ذُكِرَ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْمَغْصُوبِ لَا فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوطِ حَتَّى يَصِحُّ بَيْعُ مَا عَدَا الْقَدْرَ الْمَغْصُوبَ شَائِعًا قَبْلَ الْعَزْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِ الْحَجْرِ لِإِفْهَامِهِ تَوَقُّفَ التَّصَرُّفِ عَلَى الْعَزْلِ الْمَذْكُورِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَجْرَ فِي جَعْلِ الْحِنْطَةِ هَرِيسَةً حَيْثُ لَا خَلِيطَ مَعَهَا لِلْغَاصِبِ ثَابِتٌ فِي الْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَخْلُوطِ إنْ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ مُطْلَقًا) أَيْ رَضِيَ أَوْ لَا أَوْ بِأَرْدَأَ إنْ رَضِيَ لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ خَلَطَ بِأَرْدَأَ وَالْغَاصِبُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْحَالِ.
(قَوْلُهُ يَقْتَضِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْغَاصِبِ بِهِ) يُمْكِنُ مَنْعُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ مَلَكَ الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ) فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَالْآتِيَةِ خَفَاءٌ.
(قَوْلُهُ كَأَخْذِ مُضْطَرٍّ إلَخْ) هَلْ يَحْصُلُ مِلْكٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا قَدْ تَدُلُّ لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْ يَجْرِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي مِلْكِ الضَّيْفِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟.
(قَوْلُهُ فَفِيهِ) أَيْ قَوْلِ الشَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ تَمَلُّكُ كُلٍّ حَقَّ الْآخَرِ إلَخْ إنْ كَانَ كُلٌّ مُضَافًا لِحَقٍّ فَتَوَجَّهَ مَنْعُ تَمْلِيكِهِ مَجَّانًا أَوْ بِبَدَلِهِ ثَابِتٌ عَلَى قَوْلِهِ الْهَلَاكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مَجْرُورًا مُنَوَّنًا وَكَانَ حَقٌّ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَحْذُورٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ شَيْئَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَلَطَهُمَا فَإِنَّ الِاثْنَيْنِ يَشْتَرِكَانِ مَعَ وُجُودِ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَلُّك كُلٍّ مِنْهُمَا حَقَّ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.